أَنْعاكَ منْ وَجْدي ومنْ أَلَمِي
بِِيَراعَةٍ تَبْكِيكَ ثاكِلَةٍ
وأَخَالُها الْتَهَبَتْ بِلَوْعَتِها
لا غَرْوَ إِن أنَّتْ وإنْ صَرَخَتْ
فَالْبَيْتُ والمِحْرَابُ ما بَرِحَا

أوَّاهُ مِنْ نَارٍ الأَسَى اضطَّرَمَتْ
أوَّاهُ مِنْ خَطْبٍ أَلَمَّ بِنا
أوَّاهُ مِنْ دَهْياءَ نازِلَةٍ
لمَّا طَوَتْ كَفُّ الرَدَى قمَرًا
وَغَدَتْ تُشَيِّعُهُ الأُلُوفُ هُنا

قِدِّيسَ هَذَا الشَعْبِ مَعْذِرَةً
يَا أَيُّها البَحْرُ الذِي زَخَرَتْ
يَا مَنْهَلَ الوُرَّادِ طَابَ لَهُمْ
مَاذَا عَساني أَنْ أَقُولَ وقَدْ
عَفْواً إِذا عَثَرَتْ خُطَايَ فَقَدْ

يَا مَنْ تَوَلَّعَ بِالْغَرِيِّ هَوًى
يا مَنْ أَقامَ بِقُرْبِ سيِّدِهِ
قَدْ هَبَّ يَنْهَلُ مِنْ رَوَافِدِهِ
لم يُثْنِهِ فُقْدَانِ بَاصِرَةٍ
مَنْ كانَ مُنْذُ البَدْءِ رَائِدُهُ

يَا شَيْخَنَا الْمَنْصُور ُيَاعَلَمًا
يَا أَيُّها المَمْلُوءُ مَعْرِفَةً
لَمَّا عَشِقْتَ العِلْمَ عِشْتَ بِهِ
ونَذَرْتَ نَفْسَكَ رَاعِيًا وأَبًا
وَالشَمْسُ إِنْ نَشَرَتْ ذَوَائِبَها
رَعْيًا لِنَفْسِكَ يَا مُرَوِّضَهَا
رَعْيًا لِقَلْبِكَ يَا مُطَهِّرَهُ
رَعْيًا لِفِكْرِكَ يَا مُسَخِّرَهُ
رَعْيًا لِرُوحِكَ إِنَّها سَكَبَتْ
رَعْيًا لِثَغْرِكَ لَمْ يَزَلْ لَهِجًا

تِسْعُونَ عَامًا رُحْتَ تَحْمِلُهَا
تِسْعُونَ عَامًا مِنْ شَفَافِيَةٍ
تِسْعُونَ عَامًا فِيكَ قَدْ طُوِيَتْ
تِسْعُونَ عَامًا عِشْتَهَا ثِقَةً
تِسْعُونَ عَامًا في هُدًى وَنَدًى

للهِ نَفْسُكَ كَمْ صَهَرْتَ بِها
للهِ جِسْمُكَ كَمْ ذَوَى سَقَمًا
يَا وَاحِدَ الزُهَّادِ يَا وَرِعًا
مَا أبْعَدَ الدُنْيا وَزُبْرُجَهَا
فَلَوِ اتَّبَعْنَا رُشْدَ سيرَتِهِ

عِشْتَ الحُسَيْنَ عَلاقَةً نَدَرَتْ
يَا مَنْ يَذُوبُ تَأَوُّهًا وَأَسًى
للهِ مِنْ نَحْرٍ يُقَبِّلُهُ
للهِ مَذْبُوحًا تُرَضِّضُهُ
حُبُّ الحُسَيْنِ أَجَنَّ نَاصِرَهُ

يَا شَيْخَنَا المَبْرُورُ لَيْسَ لَنا
إِلاَّ السُّلُوَّ بِشِبْلِ فاطِمَةٍ
وَبِكَ العَزَاءُ لِغَائِبٍ عَلَمٍ
مَوْلىً نَتُوقُ غَدًا لِرُؤْيَتِهِ
يَا سَيِّدِي طَالَ انْتِظارُ غَدٍ

 

بِيَرَاعَةٍ تَقْتَاتُ حِبْرَ دَمِي
أَعْظِمْ بِمَدْمَعِ مُقْلَةِ القَلَمِ
لَكأَنَّهاتَخْطُو علَى ضَرَمِ
وَلَرُبَّ صارِخَةٍ بِغَيْرِ فَمِ
في لَوْعَةٍ حَرَّى، وفي أَلَمِ

مِنْ فَقْدِنا نَارًا علَى عَلَمِ
فَاجْتَاحَنَا في سَيْلِهِ العَرِمِ
جَلَّتْ لِفَقْدِ العَالِمِ الفَهِمِ
كَانَ المَنارَ بِحَالِكِ الظُلَمِ
فَكَأَنَّمَا الدُنْيَا عَلى قَدَمِ

فَرِثَاكَ يَسْتَعْصِي علَى قَلَمِي
شُطْآَنُهُ بِسَوَابِغِ النِعَمِ
أَنْعِمْ بِهِ رِيًّا لِكُلِّ ظَمِي
حَامَ الظَلامُ عَلى رُؤَى كَلِمِي
عَادَتْ تَنُوءُ بِسَوْرَةِ الألَمِ

وَتَعَلُّقًا بِمُشَرِّفِ الحَرَمِ
يَسْتَافُ مِنْ عَلْيَاهُ في نهَمِ
صَلْبَ العَزِيمَةِ وَافِرَ الهِمَمِ
فَالسَمْعُ وَحْيُ الفِكْرِ لِلقَلَمِ
إِيقاظَ قَلْبِ النَاسِ .. لمْ يَنَمِ

رَوَّى النُفُوسَ بِوَابِلِ القِيَمِ
تَنْهَلُّ مِنْ عِلْمٍ وَمِنْ حِكَمِِ
بِالرَغْمِ مِنْ ضَعْفٍ وَمِنْ هَرَمِ
فَكَأَنَّكَ المُحْيِي مِنَ العَدَمِ
أحْيَتْ جَدِيبَ السَفْحِ وَالقِمَمِ
بِفَضَائـِلِ الأَخـْلاقِ مِنْ قِدَمِ
بِوَلاَءِ عْـتْرَةِ سـَيِّدِ الأُمَـمِ
في خـِدْمَةِ المَوْلـَى بـِلا سَأَمِ
رُوحَ الصَـفَاءِ بِطــِينَةٍ وَدَمِ
بِفَرَائـِدِ الأَذْكَـارِ والكَلـِمِ

في كَـاهِلَيْكَ بَطِـيئَةَ القَـدَمِ
في دَمْعَـةٍ ثَكْلَـى ، وفي شَمَمِ
وَبِكُـلِّ مَا تَحْـوِيهِ مِنْ قِسَـمِ
خَـالٍ مِنَ الشَـنْآَنِ  وَالتُهَـمِ
خُتِمَـتْ لَدَيْـكَ بخَيْرِمُخْتَتَـمِ

وَهْجَ العُلُومِ بِنَفْحَةِ الشِيَمِ
فَكَأَنَّهُ لَحْمٌ علَى وَضَمِ
يَا خَيْرَ مَوْصُوفٍ بِذِي رَحِمِ
عمن يَتُوقُ لِخََالِدِ النِعَمِ
كُنَّا نَعُفُّ إِذَنْ عَنِ اللَّمَمِ

فَبَكَيْتَهُ وَحَشَاكَ في ضَرَمِ
في رُزْءِ مَقْتُولٍ بِلا جَرَمِ
ثَغرُالهُدَى ، وَيُحَزُّ بِالخَذِمِ
خَيْلُ البُغَاةِ ِبحِقْدِ مُنْتَقِمِ
وأَصَابَ سَمْعَ الدَهْرِ بِالصَمَمِ

مِنْ سُلْوَةٍ في رُزْئِكَ الضَخِمِ
في كُلِّ مَا يَنْتَابُ مِنْ إِزَمِ
لَوْلاَهُ هَذَا الدِينُ لَمْ يَدُمِِ
لِنَحُفَّ كَالأَجْنادِ بِالعَلَمِ
وَأُرِيعَ رُكْنُ الدِينِ بِالثُلَمِ
 


*حســـــــين بن الحـــاج حســــــــن آل جامع
القطيف المحروسة في 2/9/1420هـ